بسم الله الرحمن الرحيم
حديث من القلب يقتضيه العقل..
شارك فالكل مسئول أمام الله عز وجل
إنَّه حديث إلى كلِّ مُواطني بلادي من المصريِّين على اختلاف عقائدهم الدِّينية، واتِّجاهاتِهم السِّياسية؛ فلقد جرَّبنا على مدى سنوات طويلة - ومن خلال العديد من الحكومات - الكثيرَ من النُّظمِ الوضعيَّة؛ من اشتراكيَّةٍ وديمقراطية وليبراليَّة وغيرها، وباءت بالفشَل في بلادنا، كما باءت بالفشل في تحقيق سعادة أهلها الَّذين صدَّروها إلينا، ولْنَسأل عن معدَّلات الانتحار في أوربا، ومعدَّلات البطالة في أمريكا، فضلاً عمَّا يعانيه الاقتصاد العالَميُّ كلُّه من جراء هذه النُّظم الوضعيَّة.
فما الذي يعدُّوننا له؟ وما الذي يجبرنا على العودة إلى نَفْس النُّظم الوضعيَّة، وقد علمنا أنَّ أيَّ حكومة سيختارها الشَّعب اليومَ سيَدْفع مِن عمره ومستقبله ومستقبل أولاده الكثيرَ لِحين إثبات نَجاحها أو فشَلِها، وأنَّ كل اختيار لنِظام وَضْعيٍّ من هذه النُّظم التي يُحاول الغربُ أن يفرضها علينا فرضًا - مُناقضين ما يدَّعونه من الحرية، أو كائلين لَها بِمكيالين؛ أحدهما يستحقُّونه، والآخر لا نستحقُّ في نظرهم أفضل منه - إنَّما هو من قبيل المغامرة والمخاطرة؛ لأنَّنا نعلم أن المقدِّمات الواحدةَ تؤدِّي إلى نفس النتائج.
ولماذا لا نلوذ بِمَأمننا وقد عَلِمنا أنَّه ما حمى بنياننا من الانهيار على مختلِف المستويات، إلاَّ تمسُّكُنا بِمبادئ الشريعة الإسلامية، التي ينادي الغربُ أنفسهم اليومَ بِسَنِّ قوانين هي من صميم مَعالِمها، وإن كانوا لا ينادون بذلك تديُّنًا، وإنَّما لقناعتهم بعد معاناةٍ طويلة وتَجارِبَ مريرةٍ بأنَّ الحياة لا تستقيم إلاَّ بِها.
فما الذي يمنعنا نحن من تطبيقها ونحن أهلها وأحق بها؟
أمَّا المسلمون فلأن الحكم بما أنزل الله - عزَّ وجلَّ - وتحكيم الشَّريعة الإسلامية في أمور حياتِهم كافَّة فريضةٌ دينيَّة، وليستْ أمرًا اختياريًّا كما يصوِّره البعض.
فالله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44].
وقال تعالى: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [يوسف: 40].
ويقول تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50].
ويقول تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
ويقول تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].
ويقول تعالى: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [المائدة: 49]... وغيرها من الآيات.
وأمَّا غير المسلمين فلِمَا لَهم عند المسلمين من عهدٍ وذمَّة في ظلِّ الحكم الإسلاميِّ لا تستقيم حياتُهم، ويستتبُّ أمنهم، ويزداد رَخاؤهم بدونه، وإنْ هم أرادوا التَّحاكُم فيما بينهم بشريعتهم فلهم ذلك، وإن أرادوا أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية، فالله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [المائدة: 42].
والمسلمون إذْ يَحفظون لأهل ذمَّتِهم ومواطنيهم من غير المسلمين حياتَهم وأعراضهم وأموالَهم، فإنَّما يفعلون ذلك تديُّنًا لا سياسة، والسياسة تتغيَّر وقد تغدر، والدِّين وفاءُ وعْدٍ، ومَضَاء عَهْد.
وإذا كان المسلمون لا يَطْمعون في حكم بلاد غير المسلمين، وغير المسلمين لا يطمعون في حكم بلاد المسلمين، فيكون اختيارُ الحكم الذي يُحقِّق الأمن والرَّخاء لِمُواطني البلاد من المسلمين وغير المسلمين في أيِّ مكان - هو القرار الوطَنِي البصير، وليس التعصُّب الأعمى الذي يجرُّ الأوطانَ وأهْلَها إلى الفِتَن والخراب.
http://www.youtube.com/watch?v=qTp4Ssw1H3A
من الرَّجل؟ من لمصر؟
إن مصر أبدًا لم يكن لديها مشكلة في كفاءات رجالِها، وإنَّما كانت المشكلة دائمًا في اعتماد مناهِجَ وضعيَّة، ما أنزل الله بِها مِن سلطان، وما كان لبشرٍ أن يَختار على منهج خالقِه منهجًا، وما كان يمكن أن يُكتب لمثل هذه المناهج الوضعيَّةِ النَّجاحُ، إذْ يقول تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ [الرعد: 41].
والتَّاريخ يضرب لنا أعظم الأمثلة لرجالٍ بذَلوا جهدهم في القيام بشريعة الله - عزَّ وجلَّ - فسَعدتْ بِهم البلاد والعباد، ولا زال المصريُّون على اختلاف عقائدهم يضربون المثل بِعَدل عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - فلماذا لا نَختار مِنَّا من يَقْتفي أثر عُمر، مِمَّن حسنت فينا سيرتُه بِرًّا وعَدلاً، وعَلِمنا قيامه بالدِّين في أمر نفسه وأهله.
فيكون أحرى أن يُقِيمه فينا.
وإذا كان العالَمُ يعترف لخاتم الأنبياء - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأنه أعظم العظماء في الدُّنيا بلا مُنافس ولا حتَّى من الأنبياء، وإذا كان التاريخ يقرُّ بأنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - الرَّجلُ الوحيد الذي نجح في مجالات الحياة كافةً، وصنع من العدم أمَّةً عُظْمى نشرَت الخير والحقَّ في الدنيا، وإذا كان مفكِّرو الغرب يؤكِّدون أنه لو قُدِّر وعرضت عليه - صلَّى الله عليه وسلَّم - مشاكل العالم اليوم كلها لَما استغرق حَلُّها منه أكثرَ مِمَّا يحتاجه أحَدُنا لتناول "فنجان من القهوة"، فلماذا لا نختار علينا مَن يهتدي بِهَدي محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويتخذه قدوةً وأسوة؟
وإذا كان الدستورُ الذي أمرَنا الله - عزَّ وجلَّ - بالتحاكم إليه؛ من القرآن الكريم، وصحيح السُّنة النبويَّة، لا يَزال العالَمُ يزداد به انبهارًا، وله اعترافًا بأنَّه ما خالف الحقيقةَ العِلمية الثابتة قطُّ، وأنه ما أخبر عن شيءٍ إلاَّ وهو الصِّدق.
فلماذا لا نولِّي علينا من يُحكِّمه فينا، ونُحكِّمه فيه؛ لتستقيم أمور حياتنا؟ وهو الدُّستور الواضح الكامل في أيدي العامَّة والصَّفوة سواء، والذي يشمل لائحةَ عمل الحاكم والمَحكوم بِخُطوطها العريضة، وتفصيلاتِها الدَّقيقة، فيعرف كلٌّ منا حقوقَه وواجباته، ونستبين خطأَ المُخْطِئ، ونستبين طريق تقويمه.
أليس عجَبًا أن نَخوض تجربةً جديدة من سلسلة تجارب أثبتَتْ فشلَها مرارًا وتكرارًا، وندع التَّجربة الكاملة الناجحةَ الوحيدة في التاريخ، والَّتي لا يزال الشَّرق والغرب يتناولونَها بالانبهار؛ لِمَا عمَّ أهلها من الرَّخاء والأمن والاستقرار؟!
ومِمَّ نخاف إنْ نحن طبَّقنا الشريعة الإسلامية؟
إنَّ تطبيق الشريعة الإسلامية لا يَعني أن تتأثَّر حياتُنا المدَنِيَّة وما وصَلْنا إليه من تقدُّم تكنولوجي بِحال، فسنظلُّ نركب الطائرات والسيَّارات المكيَّفة، ونتواصل عَبْر الشبكة العنكبوتيَّة، ونأكل (الجاتوه) و(الآيس كريم)، ما دمنا لا نتجاوز حدًّا، ولا نأتي محرَّمًا.
بل وإنَّني أنتظر - بتطبيق الشريعة الإسلاميَّة وما سيَعُمُّ حياتَنا من خيرٍ وبرَكة - أنْ لا تظَلَّ نعم الحياة، ومنها التقدُّم التكنولوجيُّ، حكرًا على فئةٍ دون أخرى مِمَّن ضاقت معيشته، وقُدِرَ عليه رزقه.
أمَّا من الناحية الاقتصادية، فإن الأصل أنْ لا تختلف حياتنا كثيرًا بتطبيق الشريعة الإسلامية - وإن اختلفت فللأحسن، ومن أجل التغيير والإصلاح المنشود - لأنَّه ليس مِنَّا من يُقِرُّ الغِشَّ والرِّشوة، والتَّطفيف في الميزان، وغيرَها من عوامل الفساد والإفساد.
فما الذي نخشاه؟ هل نخشى أن الشريعة الإسلامية تحرِّم الربا؟
فإن الرِّبا محرَّم في كل الشرائع السَّماوية، والله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 278 - 279].
ويقول تعالى عن الأمم السابقة: ﴿ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ﴾ [النساء: 161].
ويقول تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 66].
فما الذي نخشاه؟ أنَخْشى أن تعمَّ البرَكةُ، ويَسُودَ الرَّخاءُ والتكافل والأمن؟!
أم نخشى أن تشحَّ خزائن الغَرْب التي اكتظَّت بفوائد الدُّيون الَّتِي أنْهَكتنا حتَّى عجزنا عن سدادها، وكلَّما ازداد عجزنا أعَدْنا جدولتَها بفوائِدَ أعلى؛ لِنَزداد عجزًا على عجز، ووهنًا على وهن، وفقرًا على فقر؟
وهؤلاء الذين ينادون بتحكيم العقل والعلم، أين عقولُهم وعِلمهم؛ ليستحِلُّوا الرِّبا، ويَفْرضوه على حياتنا فرضًا، وأحد أكبَرِ اقتصاديِّي العالَم، الحاصل على جائزة نوبل (موريس آلي) يؤكِّد أنه لا حلَّ للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية إلا أن يصبح سعر الفائدة صِفْرًا - أيْ: أن ينتهي الرِّبا - ويُصْبِح معدَّل الضَّريبة 2%، وهو ما يقارب زكاة المال عند المسلمين[1].
وهذه النتيجة الاقتصاديَّة التي ما حصل عليها العالِمُ الاقتصادي الكبير إلاَّ بعد سنواتٍ من الجهد والعمل البحثيِّ الشاق، يعمل بِها المسلمون لِرَبِّهم، منذ مئات السِّنين فلا يزدادون إلا سعَةً وبرَكة، ولا نعمل بِها نحن؛ إعراضًا، أو جهلاً بشرع ربِّنا، وما نزداد إلا فقرًا وضنكًا!
فأين العقلاء؟ وأين العلماء؟ أين؟!
أم أنَّنا نخشى أن تلزمنا الشريعة الإسلامية بِمُجتمعات لا يُجاهَر فيها بالمعاصي؟
ومتَى كان المجتمع المصريُّ مجتمعَ فواحش ومنكرات؟ ومتى كُنَّا نُقِرُّ بالآثام والابتذال فينا؟
وما ضرَّنا لو كفَّت الأبصار عن المَحارم، وكُفِينا شرور الآثام التي ضجَّت بها مجتمعاتنا؟
وما ضرَّنا إنْ ذاق شبابُنا رجالاً ونساءً طعمَ السَّعادة والاستقرار الحقيقيِّ، وتحقَّقت بهم معاني الجدِّ والنَّجاح، ونشأ أبناؤنا في مجتمعاتِ طُهرٍ وعملٍ وإصلاح؟
إنَّ الناس - على تفاوُت قِيَمهم - حين يَختارون مكانًا لِيَسكنوه، يَختارون المكان الذي يأمنون فيه على أهلهم ومالِهم؟ وإنَّ مصر بيتنا جميعًا، فواجِبٌ علينا أن نَختار لها ولنا فيها ما يؤمِّن أرواحنا وأعراضنا وأموالَنا.
أم يُخَوِّفوننا بإقامة الحدود؟
وكأنَّنا مجتمعاتٌ من العصابات، والمُجرمين العُتاة، نَخشى العقوبة، حتَّى ولو جحَدْنا - في سبيل التهرُّب منها - شريعةَ ربِّنا، ونظامَ الحياة الكامل الذي يَضْمن لنا الأمن والسعادة.
ويَجهل الكثيرون منَّا ما يهدم هذه المخاوف من أساسها؛ مِن كون الحدود في الإسلام تُدْفَع بالشُّبهات، وأنَّ الستر في الشَّريعة هو الأصل، حتَّى يتوب الجاني، ويُصْلِح ما أفسده، ويكسبه المجتمع مواطِنًا صالِحًا، فلا تُقام الحدود إلاَّ على مَن تفشَّى ظلمُهم حتَّى قامت عليهم البيِّنة، وبلغ أمرُهم إلى الحاكم، فلا يُتْرَكون لِيَعيثوا فسادًا في البلاد، وينتهكوا حرمات العباد، ومع ذلك يظَلُّ لصاحب الحقِّ مَجالٌ كبيرٌ للعفو في كثيرٍ من الأحيان، ويظلُّ لِعَفو صاحب الحقِّ فضلٌ كبير في الإسلام.
ثُمَّ إننا لنرجو إن أُقِيمت الحدود أن يَخشاها مَن لا يَخشى الله - عزَّ وجلَّ - فلا يتعدَّاها، وينعم المُجتمع الإسلاميُّ في عصرنا بالأمن والرَّخاء كما نَعِمَت سالف العصور الإسلاميَّة.
والمُجتمعات الإسلامية مجتمعات العدل وصيانة كرامة الإنسان:
فإنَّك لا تكاد تَجِد مُجتمعًا يُعْلِي من قَدْر الإنسان وكرامته، ويتساوى فيه النَّاسُ جميعًا - إلاَّ بالفضل والتَّقوى - كالمُجتمع الإسلاميِّ، فبينما يقف فيه الأميرُ بجوار الفقير، والأسودُ بجوار الأبيض صفًّا واحدًا في الصلاة، في أيِّ مكان على وجه الأرض، نجد الغرب لا يزالون يُخصِّصون كنائِسَ للسُّود، وأخرى للبيض!
ولا تزال المرأة في الإسلام هي الأكثرَ عِزًّا وأمانًا بين النِّساء، فلا يُهْضَم لَها حقٌّ، إلاَّ جهلاً منها بِحُقوقها، أو تفريطًا، بينما لا تزال النِّساء في الغرب يُعانين أقسى أنواع العنف والاستغلال، حتَّى لتَعْمل المرأة نفس عمَلِ الرِّجال، ولا تتقاضى إلاَّ نصف راتبهم.
ولا يزال التَّاريخ يشهد بِعَدل أئمَّة الإسلام؛ حتَّى لَيُخبرنا بأنَّ عمر بن الخطاب اقتصَّ لأحد رعاياه من النَّصارى من أميره الشريف العرَبِي، ومن قَبْله انتصر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من المسلم لليهوديِّ.
فنحن أُمَّة أُمِرنا بالعدل، ونُهِينا عن تَجاوزه، فيقول ربُّنا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].
ويقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].
والمجتمعات الإسلاميَّة هي مجتمعاتُ بِرٍّ ووفاء، ورحمة، ومراقبةٍ لله - عزَّ وجلَّ - فلا غِشَّ، ولا غدر، ولا خيانة، ولا بيع على بيع، ولا مناجشة، ولا مُحاسَدة، ولا مباغضة، ولا تَدابُر، ولا تَخاصم، ولا غيرها مما تَفْسد به القلوب والمُجتمعات.
ثم وما الذي نخشى أن نخسره إنْ طبَّقنا الشريعة؟
بعد أن أتت المَعاصي على اقتصادنا، وأَنْهكت الأمراضُ أجسامنا، ودمَّر التفكُّك أُسَرَنا وعلاقاتِنا، وصار إلى ذُلٍّ بعد العِزِّ حالُنا؛ جزاءً بِما كسبَتْ أيدينا، حتَّى تَحقَّق وعيدُ الله فينا؛ إذْ يقول تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].
أم أننا قد تحالَفْنا مع المُعاناة ومُكابدة مشاقِّ الحياة؟
أوَلا نشتاق أن يتحقَّق وعد الله - عزَّ وجلَّ - لنا - ﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 111] - إن نَحْن استقَمْنا، فيُغْدِق علينا الرِّزق والبرَكة، ونعيش الحياة الطيبة التي لطالَما قرَأْنا عنها في حياة سلَفِنا؟
إذْ يقول الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].
﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122].
وأخيرًا فإذا كنَّا نحن والغَرْب والعالَمُ أجمع على يقينٍ بأنَّ الشريعة الإسلاميَّة قادرةٌ على تقديم نَمُوذج عمَلي للحياة الطيِّبة في القرن الواحد والعشرين، فما الذي يقعدنا عن النُّهوض إلى الحقِّ والخير؟ ولماذا لا نَخْتار الحكم الإسلاميَّ وهو أمرٌ يَفْرضه الدِّين، ويقتضيه العقل، وتُحتِّمه التجربة؟!
من الرَّجل؟ من لمصر؟
إن مصر أبدًا لم يكن لديها مشكلة في كفاءات رجالِها، وإنَّما كانت المشكلة دائمًا في اعتماد مناهِجَ وضعيَّة، ما أنزل الله بِها مِن سلطان، وما كان لبشرٍ أن يَختار على منهج خالقِه منهجًا، وما كان يمكن أن يُكتب لمثل هذه المناهج الوضعيَّةِ النَّجاحُ، إذْ يقول تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ [الرعد: 41].
والتَّاريخ يضرب لنا أعظم الأمثلة لرجالٍ بذَلوا جهدهم في القيام بشريعة الله - عزَّ وجلَّ - فسَعدتْ بِهم البلاد والعباد، ولا زال المصريُّون على اختلاف عقائدهم يضربون المثل بِعَدل عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - فلماذا لا نَختار مِنَّا من يَقْتفي أثر عُمر، مِمَّن حسنت فينا سيرتُه بِرًّا وعَدلاً، وعَلِمنا قيامه بالدِّين في أمر نفسه وأهله.
فيكون أحرى أن يُقِيمه فينا.
وإذا كان العالَمُ يعترف لخاتم الأنبياء - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأنه أعظم العظماء في الدُّنيا بلا مُنافس ولا حتَّى من الأنبياء، وإذا كان التاريخ يقرُّ بأنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - الرَّجلُ الوحيد الذي نجح في مجالات الحياة كافةً، وصنع من العدم أمَّةً عُظْمى نشرَت الخير والحقَّ في الدنيا، وإذا كان مفكِّرو الغرب يؤكِّدون أنه لو قُدِّر وعرضت عليه - صلَّى الله عليه وسلَّم - مشاكل العالم اليوم كلها لَما استغرق حَلُّها منه أكثرَ مِمَّا يحتاجه أحَدُنا لتناول "فنجان من القهوة"، فلماذا لا نختار علينا مَن يهتدي بِهَدي محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويتخذه قدوةً وأسوة؟
وإذا كان الدستورُ الذي أمرَنا الله - عزَّ وجلَّ - بالتحاكم إليه؛ من القرآن الكريم، وصحيح السُّنة النبويَّة، لا يَزال العالَمُ يزداد به انبهارًا، وله اعترافًا بأنَّه ما خالف الحقيقةَ العِلمية الثابتة قطُّ، وأنه ما أخبر عن شيءٍ إلاَّ وهو الصِّدق.
فلماذا لا نولِّي علينا من يُحكِّمه فينا، ونُحكِّمه فيه؛ لتستقيم أمور حياتنا؟ وهو الدُّستور الواضح الكامل في أيدي العامَّة والصَّفوة سواء، والذي يشمل لائحةَ عمل الحاكم والمَحكوم بِخُطوطها العريضة، وتفصيلاتِها الدَّقيقة، فيعرف كلٌّ منا حقوقَه وواجباته، ونستبين خطأَ المُخْطِئ، ونستبين طريق تقويمه.
أليس عجَبًا أن نَخوض تجربةً جديدة من سلسلة تجارب أثبتَتْ فشلَها مرارًا وتكرارًا، وندع التَّجربة الكاملة الناجحةَ الوحيدة في التاريخ، والَّتي لا يزال الشَّرق والغرب يتناولونَها بالانبهار؛ لِمَا عمَّ أهلها من الرَّخاء والأمن والاستقرار؟!
ومِمَّ نخاف إنْ نحن طبَّقنا الشريعة الإسلامية؟
إنَّ تطبيق الشريعة الإسلامية لا يَعني أن تتأثَّر حياتُنا المدَنِيَّة وما وصَلْنا إليه من تقدُّم تكنولوجي بِحال، فسنظلُّ نركب الطائرات والسيَّارات المكيَّفة، ونتواصل عَبْر الشبكة العنكبوتيَّة، ونأكل (الجاتوه) و(الآيس كريم)، ما دمنا لا نتجاوز حدًّا، ولا نأتي محرَّمًا.
بل وإنَّني أنتظر - بتطبيق الشريعة الإسلاميَّة وما سيَعُمُّ حياتَنا من خيرٍ وبرَكة - أنْ لا تظَلَّ نعم الحياة، ومنها التقدُّم التكنولوجيُّ، حكرًا على فئةٍ دون أخرى مِمَّن ضاقت معيشته، وقُدِرَ عليه رزقه.
أمَّا من الناحية الاقتصادية، فإن الأصل أنْ لا تختلف حياتنا كثيرًا بتطبيق الشريعة الإسلامية - وإن اختلفت فللأحسن، ومن أجل التغيير والإصلاح المنشود - لأنَّه ليس مِنَّا من يُقِرُّ الغِشَّ والرِّشوة، والتَّطفيف في الميزان، وغيرَها من عوامل الفساد والإفساد.
فما الذي نخشاه؟ هل نخشى أن الشريعة الإسلامية تحرِّم الربا؟
فإن الرِّبا محرَّم في كل الشرائع السَّماوية، والله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 278 - 279].
ويقول تعالى عن الأمم السابقة: ﴿ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ﴾ [النساء: 161].
ويقول تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 66].
فما الذي نخشاه؟ أنَخْشى أن تعمَّ البرَكةُ، ويَسُودَ الرَّخاءُ والتكافل والأمن؟!
أم نخشى أن تشحَّ خزائن الغَرْب التي اكتظَّت بفوائد الدُّيون الَّتِي أنْهَكتنا حتَّى عجزنا عن سدادها، وكلَّما ازداد عجزنا أعَدْنا جدولتَها بفوائِدَ أعلى؛ لِنَزداد عجزًا على عجز، ووهنًا على وهن، وفقرًا على فقر؟
وهؤلاء الذين ينادون بتحكيم العقل والعلم، أين عقولُهم وعِلمهم؛ ليستحِلُّوا الرِّبا، ويَفْرضوه على حياتنا فرضًا، وأحد أكبَرِ اقتصاديِّي العالَم، الحاصل على جائزة نوبل (موريس آلي) يؤكِّد أنه لا حلَّ للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية إلا أن يصبح سعر الفائدة صِفْرًا - أيْ: أن ينتهي الرِّبا - ويُصْبِح معدَّل الضَّريبة 2%، وهو ما يقارب زكاة المال عند المسلمين[1].
وهذه النتيجة الاقتصاديَّة التي ما حصل عليها العالِمُ الاقتصادي الكبير إلاَّ بعد سنواتٍ من الجهد والعمل البحثيِّ الشاق، يعمل بِها المسلمون لِرَبِّهم، منذ مئات السِّنين فلا يزدادون إلا سعَةً وبرَكة، ولا نعمل بِها نحن؛ إعراضًا، أو جهلاً بشرع ربِّنا، وما نزداد إلا فقرًا وضنكًا!
فأين العقلاء؟ وأين العلماء؟ أين؟!
أم أنَّنا نخشى أن تلزمنا الشريعة الإسلامية بِمُجتمعات لا يُجاهَر فيها بالمعاصي؟
ومتَى كان المجتمع المصريُّ مجتمعَ فواحش ومنكرات؟ ومتى كُنَّا نُقِرُّ بالآثام والابتذال فينا؟
وما ضرَّنا لو كفَّت الأبصار عن المَحارم، وكُفِينا شرور الآثام التي ضجَّت بها مجتمعاتنا؟
وما ضرَّنا إنْ ذاق شبابُنا رجالاً ونساءً طعمَ السَّعادة والاستقرار الحقيقيِّ، وتحقَّقت بهم معاني الجدِّ والنَّجاح، ونشأ أبناؤنا في مجتمعاتِ طُهرٍ وعملٍ وإصلاح؟
إنَّ الناس - على تفاوُت قِيَمهم - حين يَختارون مكانًا لِيَسكنوه، يَختارون المكان الذي يأمنون فيه على أهلهم ومالِهم؟ وإنَّ مصر بيتنا جميعًا، فواجِبٌ علينا أن نَختار لها ولنا فيها ما يؤمِّن أرواحنا وأعراضنا وأموالَنا.
أم يُخَوِّفوننا بإقامة الحدود؟
وكأنَّنا مجتمعاتٌ من العصابات، والمُجرمين العُتاة، نَخشى العقوبة، حتَّى ولو جحَدْنا - في سبيل التهرُّب منها - شريعةَ ربِّنا، ونظامَ الحياة الكامل الذي يَضْمن لنا الأمن والسعادة.
ويَجهل الكثيرون منَّا ما يهدم هذه المخاوف من أساسها؛ مِن كون الحدود في الإسلام تُدْفَع بالشُّبهات، وأنَّ الستر في الشَّريعة هو الأصل، حتَّى يتوب الجاني، ويُصْلِح ما أفسده، ويكسبه المجتمع مواطِنًا صالِحًا، فلا تُقام الحدود إلاَّ على مَن تفشَّى ظلمُهم حتَّى قامت عليهم البيِّنة، وبلغ أمرُهم إلى الحاكم، فلا يُتْرَكون لِيَعيثوا فسادًا في البلاد، وينتهكوا حرمات العباد، ومع ذلك يظَلُّ لصاحب الحقِّ مَجالٌ كبيرٌ للعفو في كثيرٍ من الأحيان، ويظلُّ لِعَفو صاحب الحقِّ فضلٌ كبير في الإسلام.
ثُمَّ إننا لنرجو إن أُقِيمت الحدود أن يَخشاها مَن لا يَخشى الله - عزَّ وجلَّ - فلا يتعدَّاها، وينعم المُجتمع الإسلاميُّ في عصرنا بالأمن والرَّخاء كما نَعِمَت سالف العصور الإسلاميَّة.
والمُجتمعات الإسلامية مجتمعات العدل وصيانة كرامة الإنسان:
فإنَّك لا تكاد تَجِد مُجتمعًا يُعْلِي من قَدْر الإنسان وكرامته، ويتساوى فيه النَّاسُ جميعًا - إلاَّ بالفضل والتَّقوى - كالمُجتمع الإسلاميِّ، فبينما يقف فيه الأميرُ بجوار الفقير، والأسودُ بجوار الأبيض صفًّا واحدًا في الصلاة، في أيِّ مكان على وجه الأرض، نجد الغرب لا يزالون يُخصِّصون كنائِسَ للسُّود، وأخرى للبيض!
ولا تزال المرأة في الإسلام هي الأكثرَ عِزًّا وأمانًا بين النِّساء، فلا يُهْضَم لَها حقٌّ، إلاَّ جهلاً منها بِحُقوقها، أو تفريطًا، بينما لا تزال النِّساء في الغرب يُعانين أقسى أنواع العنف والاستغلال، حتَّى لتَعْمل المرأة نفس عمَلِ الرِّجال، ولا تتقاضى إلاَّ نصف راتبهم.
ولا يزال التَّاريخ يشهد بِعَدل أئمَّة الإسلام؛ حتَّى لَيُخبرنا بأنَّ عمر بن الخطاب اقتصَّ لأحد رعاياه من النَّصارى من أميره الشريف العرَبِي، ومن قَبْله انتصر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من المسلم لليهوديِّ.
فنحن أُمَّة أُمِرنا بالعدل، ونُهِينا عن تَجاوزه، فيقول ربُّنا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].
ويقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].
والمجتمعات الإسلاميَّة هي مجتمعاتُ بِرٍّ ووفاء، ورحمة، ومراقبةٍ لله - عزَّ وجلَّ - فلا غِشَّ، ولا غدر، ولا خيانة، ولا بيع على بيع، ولا مناجشة، ولا مُحاسَدة، ولا مباغضة، ولا تَدابُر، ولا تَخاصم، ولا غيرها مما تَفْسد به القلوب والمُجتمعات.
ثم وما الذي نخشى أن نخسره إنْ طبَّقنا الشريعة؟
بعد أن أتت المَعاصي على اقتصادنا، وأَنْهكت الأمراضُ أجسامنا، ودمَّر التفكُّك أُسَرَنا وعلاقاتِنا، وصار إلى ذُلٍّ بعد العِزِّ حالُنا؛ جزاءً بِما كسبَتْ أيدينا، حتَّى تَحقَّق وعيدُ الله فينا؛ إذْ يقول تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].
أم أننا قد تحالَفْنا مع المُعاناة ومُكابدة مشاقِّ الحياة؟
أوَلا نشتاق أن يتحقَّق وعد الله - عزَّ وجلَّ - لنا - ﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 111] - إن نَحْن استقَمْنا، فيُغْدِق علينا الرِّزق والبرَكة، ونعيش الحياة الطيبة التي لطالَما قرَأْنا عنها في حياة سلَفِنا؟
إذْ يقول الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].
﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122].
وأخيرًا فإذا كنَّا نحن والغَرْب والعالَمُ أجمع على يقينٍ بأنَّ الشريعة الإسلاميَّة قادرةٌ على تقديم نَمُوذج عمَلي للحياة الطيِّبة في القرن الواحد والعشرين، فما الذي يقعدنا عن النُّهوض إلى الحقِّ والخير؟ ولماذا لا نَخْتار الحكم الإسلاميَّ وهو أمرٌ يَفْرضه الدِّين، ويقتضيه العقل، وتُحتِّمه التجربة؟!
=======================
[1] انظر مقال "إما القرض الحسن وإلا
[1] انظر مقال "إما القرض الحسن وإلا
شارك فالكل مسئول أمام الله عز وجل
انشر تؤجر إن شاء الله تعالى
تردد قناة الحكمة الفضائية
النايل سات: 12418 رأسي
ولأهلنا في المغرب وأوروبا
عرب سات: 10770 أفقي
--
المصريون يعلنون: كلنا سلفيون
بعد افتضاح مؤامرة الطعن في الإسلام بالتخفي وراء الطعن في المنهج السلفي، وبيان العلماء أنه منهج يجعل مرجعية المسلم هي القرآن والسنة بفهم سلف الأمة لقول الله تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" التوبة: 100
No comments:
Post a Comment