تركيا تتقدم بالإسلاميين ومصر بتتقدم بينا
د. هشام الحمامي | 18-09-2010 23:58
إذا جاز للمؤرخين ان يؤرخوا لتركيا الحديثة بالعهد (الاتاتوركي) فلن يمكنهم إلا أن يؤرخوا لتركيا الجديدة بالعهد (الاردوغانى)
ذلك ان ما يحدث الآن فى تركيا هو بلا مبالغه عهد جديد..عهد تقلصت فيه أطراف العلمانية اللادينية ذات الأنياب والمخالب وبرزت مكانها(المدنية الإسلامية) ذات العدالة والتنمية وليسجل بذلك حزب العدالة والتنمية ضربة اليمة للاستبداد والقهر ليس فى حدود بلادة فقط لكن فى المنطقة كلها ..(مؤذن اسطنبول) درج على إحراج الجميع خاصة إخواننا الملوك والرؤساء العرب.. أحرجهم فيما يتصل بقضية القضايا (فلسطين) سواء بموقفة فى دافوس أو بموقفه في أسطول الحرية.
وهاهو الرجل يحرجهم إحراجا ويربكهم إرباكا..بما يفعله الآن فى تركيا .ديمقراطية سياسة واجتماعية على أرقى مستوى والأخطر أنها على خلفية إسلامية ..معدلات تنميه عالية ( 7% ) دخل المواطن التركي زاد من 3300دولار إلى 10000دولار فضلا عن الانخفاض المستمر في معدلات التضخم وزيادة مضطردة في حجم الاستثمارات فيرتفع حجم الصادرات من 33 مليار دولار إلى 130 مليارا في نهاية 2008
كما ارتفع حجم استثمارات القطاع الحكومي بنسبة 100%و القطاع الخاص بنسبة 300%حتى احتلت تركيا المرتبة السادسة عشرة في ترتيب أكبر الاقتصاديات على المستوى العالمي والمرتبة السادسة على المستوى الأوروبي لتضيق بذلك الفجوة لأول مرة فى التاريخ الحديث بين معدلات التنمية التركية ومثيلاتها الأوروبية..
ولكي أكون موضوعيا فالإحراج والإرباك لم يأت لأصحاب السمو والفخامة والجلالة فقط..بل أتى و لامس الإسلاميين فى السويداء..أولئك الذين تدورعجلات حركتهم فى مكانها..
سنين تلو سنين والعجلة تدور دون ان تغادر مكانها للأمام مترا واحدا..يقولون أن من الحمق أن تتعثر فى نفس الحجر مرتين وتقول(عقبه)..!!الإسلاميون العرب تعثروا بنفس الحجر عشرات المرات..ويقولون(عقبة)..!!.
كلنا نعلم أن رجب اردوغان وعبد الله جول وكل هذه المجموعة كانت الأعمدة الكبيرة فى حزب الرفاة والسعادة والفضيلة (وكل الأسماء).. وهم تلاميذ نجباء لشيخهم الجليل البروفيسور اربكان الأب الروحي والرافعة الكبرى للحركة الإسلامية فى تركيا ..
كان الرجل يمثل مدرسة الإخوان المسلمين فى الإصلاح الاجتماعي والسياسي القائمة قوائمه على مبادىء الإسلام الشامل..ونجح فيما نجح واخفق فيما اخفق ..
ثم كان ان قامت من رقادها أسئلة كثيرة تتعلق بأدوات العمل ووسائله والتبصر(الذى يتجاوز مجرد النظر) بالمستقبل القريب والبعيد ..
فالدعوة تحتاج الى أيدي قوية تحمل الراية لا تصانع ولا تضارع ولا تتبع المطامع ولا تقول إلا قول الحق دون زيغ أو ضلال أو انحراف .. ولا يحتمل الأمر أي التباس .
والإصلاح يحتاج الى سياسات ومؤامات وتفاهمات ومناورات فالخصم الذى احتكر لنفسه السلطة والحكم فى فساد وإفساد .. يمتلك فى كلتا يدية كل الذرائع والوسائل والأدوات التى تمكنه من فعل ما يشاء..
وأسهل ذريعة لديةهى( الشعارات الإسلامية)و(الهتافات العاطفية) التى كان رجب اردوغان_بالمناسبة_أستاذ فيها وكلنا نعلم الأشعار التى كان يرددها عن مآذن المساجد التى ستتحول إلى رماح تواجه (الكفار والمشركين) ..
استمر شيخنا الجليل اربكان ينادى بالشعارات الإسلامية والحرب على العلمانية واستمر خصومه فى حصارة وضربه (بهذه الذريعة) فلا هو يتأمل ويفهم ولاهم يملون ويكفون..ضربات متتالية وكل ضربة أقوى من أختها.ثم لا يلبث صاحبنا إلا أن يبدأ ثانية من أول السطر..
إلى متى ستستمر هذه (الدائرة الجهنمية)..؟ المليئة بالتشويش والرعب مضافا اليهما الإنسان الفقير الجاهل.
كان هذا هو السؤال الذى لم يقدم شيخنا الجليل له إجابة شافيه وافيه كافية من اى نوع .
فكان أن قام اخلص تلاميذة وأحبهم الي قلبه (اردوغان وجول)..بتوجية واجبات الاحترامات والسلامات إليه ..ثم انصرفوا.. ليدشنوا تجربة جديدة من داخل التفاعل مع المتن نفسه.
كان الوقت من أكثر الأوقات ملائمة لاستقبال لحظه طليعية حقيقة ..
فكانت فكرة الفصل التام بين الدعوى والحزبى وكان حزب (العدالة والتنمية) وكان الفوز الساحق فى الانتخابات وتشكيل الوزارة منفردا عام 2002م ..وبدأ الجهاد الأكبر فى المجال الاقتصادي والدستوري ..دون قفز على المراحل..
ودون اصطناع خصومات وأعلن عن الجوهر الذى ينطق بالمظهردون تصايحات وهتافات تمكن العلمانية الشرسة من رقابه ..فعلى العاقل أن يقتصد فى الرغبات الحكيمة.
فكان الرخاء والرفاهية .. وكان القانون والكرامة ..وكان الاعتدال وكان التعايش وكان الاستقرار والأمن والسلام ..بين قوسين كان الدين والإسلام... دون شعارا دينيا او إسلاميا واحدا
فوقف أمامه ذئاب العلمانية مشلولين هائجين..واخذ الرجل وأصحابه الذين أنضجتهم تجارب الحياة.. يردون عليهم ادعاءاتهم الكذوبة بنفس لغتهم وبنفس أدواتهم . وانتهت المعركة بانتصار الشعب التركى لرفاهيته وكرامته وحريته.ثم بالضرورة والتوالى (لإسلامة)
فهل فينا من يفعل ما فعله (اردوغان)..
هل فينا من (ينعم) النظرو(يفتح)عينية على حقائق الواقع .وينطلق للامام بخطوة وثابة نحو المستقبل الذى ينتظرة ..
لن تكون مفاجأة حين يرى حولة الآلاف المؤلفة من المواهب والكفاءات التى طال انتظارها لهذا اليوم وذاك الرجل.. الذى(أنعم) الله عليه بالقدرة و(فتح)عليه بالإرادة... وبالإقدام ترفع الأقدام .
منى إن تكن حقا تكن أسعد المنى** وإلا فقد عشن بها زمنا رغدا
No comments:
Post a Comment