Sunday, April 3, 2011

التحليل النفسي لأهم عقائد وطقوس التشيع .. (10)

التحليل النفسي لأهم عقائد وطقوس التشيع .. (10)

د. طه حامد الدليمي

20. الشعوبية والتآمر على الوطن

كل الشعوب الأعجمية التي اعتنقت الإسلام تحب العرب وتجلهم وتكن لهم الاحترام والتقدير على ما جلبوه لهم من خير تمثل في الدين الذي حملوه إليهم وتكبدوا المشاق والدماء في سبيل إيصاله إلى تلك الشعوب. إلا الفرس..! فإنهم يبغضون العرب ويزدرونهم حتى إنهم إذا أرادوا الإشارة إلى أحد باحتقار نبزوه بقولهم: (عرب) بترقيق الراء على طريقتهم بالنطق!

عقدة اللؤم:وبغض الفرس للعرب ناشئ من (عقدة اللؤم) أو نكران الجميل. فالسبب الذي حمل بقية الشعوب على حب العرب هو نفسه الذي حمل الفرس على بغضهم. وهي عقدة متفرعة عن عقدة قديمة يشعرون بها تجاه العرب هي (عقدة النقص). فقد مر بنا قول البروفسور عماد عبد السلام : إن التحدي الحقيقي الذي كان يواجه الفرس على مدى التاريخ هو ذلك التحدي القادم من غرب إيران أي من الوطن العربي. بيد أنه - على قوته - لم يكن عسكريا بقدر ما كان حضارياً. ولما لم يكن هذا الغرب يمثل إلا مصدر إشعاع للحضارة، لا خطرا ماديا حقيقيا فإن العقلية الفارسية تعودت أن تنظر إلى هذه الحضارة بعين واحدة. إنها تتأثر بها لأنها مضطرة إلى ذلك لنقص في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها على القوميات العديدة التي تحيط بها، فلقد اعتنق الفرس الإسلام كسائر شعوب المشرق لكنهم حاربوه من داخله، وتعلموا الآداب العربية لكنهم حاربوها بما تعلموه منها، وكتبوا بالحرف العربية لكنهم شنوا حرباً على اللغة العربية نفسها. وكان إحساس الفرس بتخلفهم تجاه الفعل الحضاري الآتي من الغرب يتخذ وضعا حادا انعكس على شكل رد فعل غير حضاري نحوه استهدف تدمير الحضارة فيه، أو مكافأة تأثيره على الأقل، ولكن بالفعل العسكري وحده.

لقد تحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه. وظف الحكام الفرس هذه العقدة النفسية في صالح هيمنتهم على القوميات المحيطة بهم بأن أشعروها على الدوام بأن تصديهم لهذه المؤثرات رهين باستمرار الهيمنة المركزية عليها. وهذا ما توحي به إيران إلى الشيعة في العراق وغيره من الدول المجاورة. وتطرح نفسها على أنها المنقذ للشيعة، والمدافع عن حقوقهم، لا منقذ لهم ولا مدافع عنهم غيرها، وأن الآخرين المحيطين بهم يريدون أن يبتلعوهم، ويُلغوهم من الوجود؛ فلا منجا لهم إلا إيران، ولا ملجأ إلا إليها.

وهي السياسة القديمة نفسها التي مارسها الفرس مع مواطنيهم من القويات الأخرى في عزلهم عن أقوامهم الأصلية ، عن طريق تخويفهم منهم ، وإظهارهم بمظهر الخطر العظيم على وجودهم بغية ضمان اصطفافهم إلى جانبهم وضمهم تحت جناح سيطرتهم وحكمهم. وهذا ما يتخيله جمهور الشيعة في العراق، وهو السر الذي لأجله يصرحون بعدم رغبتهم في تدخل العرب في شؤونهم، وترك العراق للعراقيين، واتهام العرب بأنهم لم يقفوا في محنتهم إلى جانبهم. إن عامة الشيعة اليوم يجدون في إيران الرئة التي يتنفسون بها؛ فهم يشعرون بالاختناق حين يولون وجوههم شطر العرب، ولا يستشعرون الراحة والطمأنينة إلى في كنف إيران، العدو الأول للعراق وللعرب عموماً.

وهو السبب الذي يدفعهم إلى الوقوع في شرك المخططات الشعوبية، ومنها الانخلاع من الوطنية الصادقة، والرضا بالمحتل واستقدامه ومعاونته للدخول إلى وطنهم والتشبث به خشية أن يقعوا تحت حكم الآخر الذي يصوره دهاقنتهم وحشاً مرعباً يريد أن ينقض عليهم ويقتلعهم من الوجود. قبل أيام من موعد الانتخابات الأخيرة (15/12/2005) اجتمع القادة الدينيون للمحافظات التسع الشيعية في النجف، وخطب فيهم الشعوبي المخذول الإيراني عبد العزيز الحكيم داعياً إياهم للتصويت لقائمتهم سيئة الصيت وإلا فإن (الأمويين) - حسب تعبيره - والتكفيريين قادمون، إشارة واضحة منه إلى العرب السنة. وهدد بانفصال ما أسموه بـ(إقليم الجنوب) إذا زورت نتائج الانتخابات ولم تأت طبقاً لما يريدون.

 

فتوى السيستاني في تحريم الجهاد وعدم جواز قتال المحتل الأمريكي

وطن الشيعي طائفته:وبهذه الطريقة التلويحية تمكن الفرس – كعبد العزيز هذا وأسياده – من سلخ المتشيع بتشيعهم من الانتماء إلى وطنه، أو الشعور بعلاقة المواطنة مع الآخر. وتعويضه بالانتماء إلى المرجع والطائفة فحسب. فوطن الشيعي طائفته أينما كانت، ليس له وطن غيرها؛ وأمه وأبوه (مرجعه) ولو كان شيطاناً مريداً ! ولذلك تجده يتعصب لإيران، وينتمي إليها، ويخدم أهدافها، متخذاً منها ملاذاً يطمئن إليه. وتمثل (الحوزة) الرمز الأقرب للانتماء، وما (الحوزة) إلا وكر أو مؤسسة من مؤسسات إيران الاستخبارية. ومن هنا صار الشيعي – وإن كان عربي الأصل – شعوبياً يتعلق بإيران، وينفر من العرب، سريع المبادرة إلى معاونة كل من يتآمر على وطنه طمعاً بالخلاص من الوهم. يعزز ذلك شعوره بالاضطهاد والخوف من الآخرين، حكاماً ومحكومين. إنهم يهددون كيانه، ويمحون وجوده. هكذا يشعر.

النظرة إلى الحاكم:يتكلم د. حجازي عن نظرة الإنسان الاضطهادي إلى المتسلط أو الحاكم، ليربط بينها وبين ضعف الشعور الوطني، وكيف يتحول إلى إنسان غوغائي مخرب مدمر متى ما ضعف أثر السلطة (صفحة الغدر والخيانة سنة 1991 مثلاً) فيقول: (أما صورة المتسلط فهي بدورها عامل تفجير للعدوانية. إنها لا تمثل الأب الحاني العطوف، بل تثير صورة الأب المهدد القاسي. تعاش كسلطة مهددة لا يتمكن المرء من التماهي الإيجابي بها، الذي يتم عادة مع صورة الأب الطيبة، والذي يفتح السبيل أمام نشأة العلاقات الإنسانية الإيجابية… وطالما استحال التماهي مع صورة إيجابية متعاطفة وحامية للحاكم, فإن ذلك يزعزع روابط الانتماء إلى الجماعة والإخاء في المواطنية. فقدان روابط الانتماء الاجتماعي يقود مباشرة إلى فقدان الالتزام تجاه الآخرين, وفقدان الاحترام لما هو عام ومشترك, مما يفتح السبيل أمام بروز الأنوية المفرطة. تنهار قيمة الآخر, في هذه الحالة, لأن العلاقة معه لا تؤمن للمرء قيمته الذاتية, لا تمده بالاعتراف بذاته من خلال اعتراف الآخرين به. وهكذا تسود الأنانية على حساب المصلحة العامة. تبرز هذه الأنانية التي لا تعرف حدوداً ولا ترعى للآخرين حرمة حين تضعف السلطة القامعة أو تغيب عن المسرح لأمر ما. عندما يتحول المجتمع إلى غابة ذئاب. انعدام الشعور بالانتماء، مع ما يستتبعه من انعدام للشعور بالعدالة والعدل في نيل الحظوظ ، يولد عند الإنسان قلق الوحدة, وقلق التهديد يأتيه من الآخرين, مما يفجر عدوانيته دون حدود. تتخذ العدوانية هنا تحديداً طابع تغليب المصلحة الذاتية بشكل مطلق، وقد تتخذ طابـع السلب واستباحة الآخرين في حالات خاصة)[1].

عقيدة الإمامة:إن (عقدة الاضطهاد) تجعل الشيعي يعيش شعوراً متصلاً بالغبن والمظلومية، و(عقدة النقص) تجعله يتطلع إلى مخلص خارجي. وعقيدة (الإمامة) الناشئة من (عقدة النقص) و(عقدة السيد) والتي يكفر على أساسها الآخر تبرر له هذا التطلع، واستعداء الكافر الأجنبي عليه أملاً بالتخلص منه؛ فكلا الفريقين في اعتقاده كفار. وعلى فرض أن الآخر مسلم – وهو ليس أكثر من مسلم في الظاهر كافر في الباطن كما عليه إجماع علمائهم - فإن الكافر العادل خير من المسلم الجائر كما يشيع دعاة التشيع الفارسي في الزمن القديم والحديث.

 

ليسوا سواء

هذه هي أهم العقائد والشعائر والممارسات العملية في التشيع، المنقلبة عن العقد النفسية الفارسية. على أننا لا نجنح إلى تعميمها على كل الشيعة. ففي كل الأحوال تبقى أقلية تخالف التيار، تبتغي الحق، وتعبر عن الخصائص الأصيلة للنفسية العربية السليمة. وهي وإن كانت في غالبها مستغفلة، وفي النهاية غير قادرة على إحداث التأثير المطلوب في سير التيار العام، لكن الواجب الشرعي يحتم علينا أن ننوه بها، ونبحث عنها. كما نسعى كذلك لتشجيعها، والأخذ بيدها إلى شاطئ السلامة وبر الأمان؛ أملاً بالوصول إلى جعلها فاعلة في وسطها بالاتجاه المؤثر الصحيح. والله تعالى يقول: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) (آل عمران:113).

 

(1) التخلف الاجتماعي ، ص205-206.



--

قال أبو نواس في آخر عمره:

 

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة *** فلقد علمت بأنّ عفوك أعظم

   إن كان لا يرجوك إلا محسن *** فمن الذي يدعو إليه المجرم

  أدعوك ربِّ كما أمرت تضرعا ً *** فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحم

مالي إليك وسيلة إلا الرجا *** وجميل ظني ثم أنِّي مسلم    


۩۞۩ مع تحيـــــ Ashraf Taha ـــــــاتي۩۞۩

No comments:

Post a Comment