Thursday, June 25, 2009

شارع فساد الدين مسرحية عزفت لحن «واقدساه»

شارع فساد الدين مسرحية عزفت لحن «واقدساه»

 

القدس -محمود عليان -عرض مسرح الرواة مسرحيته الجديدة (شارع فساد الدين) على خشبة مسرح الحكواتي بالقدس لتأكيد عروبة القدس ومستقبلها والتعامل معها كثابت لا يقبل النقاش ، ودخول الشهر الرابع على احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية واكتمال جدار الفصل وضعف الحراك الثقافي والسياسي ومواصلة الهجمة الاسرائيلية الشرسة لتهويدها وترحيل سكانها وهدم البيوت وفرض سياسة التطهير العرقي بمنهجية مرسومة ومدروسة تحظى بدعم لا محدود من كل المستويات الإسرائيلية .

خارج السرب

«شارع فساد الدين» قدمت دراما من نوع آخر فقد أشهرت السياط في وجوهنا ولوحت بها محذرة «أما آن لكم أن تفيقوا من هذا السبات»

وقد حاول الفنان المسرحي إسماعيل الدباغ كاتب ومخرج العمل أن يستحضر «القدس» الحقيقية قدس القاع لينجح في هذا الغوص ويقدم لنا ما لا نريد سماعه أو إقراره ويحلق بنا فوق الشعارات والخطابات وكأني به يقول تعالوا يا سادة يا كرام فالقدس تضيع وتذوب في حامض أسيد الاحتلال.

مرة أخرى وبامتياز ينجح مسرح الرواة في تقديم عمل مسرحي يحاكي الواقع ويفتش في خباياه ويقتطع شخصيات ورموز احية من أزقة المدينة وشوارعها يقدمها في إطار «كركتر» ينسحب على هذا أو ذاك ، يمزج التاريخ والسياسة ويقدم خلطة بشرية من دم ولحم تحاكي اللحظة وتجسدها وتعريها وتنزع الأقنعة عنها وتصرخ بصوت عالي الى متى...؟!

أسرلة

هو المشهد الأكثر نعومة والأكثر خطورة كيف يتحول شبابنا الى دائرة الثقافة الإسرائيلية في علاقاتهم وعاطفتهم وأسمائهم وكلماتهم دون أن نحس ، بل نرى ذلك عبر اغاني عبرية تصدح من السيارات وكلمات تكاد تتثبت في قاموس لغتنا وأشياء وأشياء ، هذا المسار الذي ظهر في مكونات دراما (فساد الدين) كان يؤسس في حبكة العمل الى ما هو اخطر, إن نفيق ذات صباح ولا نجد القدس قدسا ولا العرب عرباً.

وبدون انتظار طويل تنتهي (فساد الدين) بمشهد زلزل الضمائر وهز المشاعر أن تحولت القدس الى (أورشليم) بكل ما تعني الكلمة ويظل صوت أبو رابوص يخطب بصوت غطت عليه أصوات القادمين الطغاة الى حين، ومتى يحين...هذا الحين.

إسماعيل الدباغ

بقامته الفارعة وتعابير وجهه الحادة وحضوره المميز وبحركته الانسيابية ذات التناسق العالي , يطل علينا الفنان إسماعيل الدباغ ويقدم دور أبو رابوص في مسرحية (شارع فساد الدين) يتهكم على المقامات العليا ويقدم الحكمة تلو الأخرى من خلال حكايات لها معنى يمزج الجنون بالهبل والخبل ، ويناقش في حقوقه ويسرد مواد القانون ويحدد الصلاحيات ويفصل الجغرافيا ويغوص في التاريخ ويظهر ويختفي وفي الحالتين لا مكان للصدفة ، تتخيله ماء زلالا تركض اليه يتحول الى سراب في سراب.

( اضحك ابتسم أنت مش في القدس) رشا جهشان

كانت تؤدي دورا غاية في التعقيد... نقيب/ رقيب/ شرطية ... بازيلا ... مخارج حروفها ونطق جملها وتعابير وجهها وحركة جسمها و(فنجرة ) عينيها والتلويح بيديها وخطوة قدميها كلها دوائر متصلة متواصلة ....لا تستطيع أن تعزل هذه عن تلك كل ذلك في إيقاع موزون...ومفهوم.

 

«هش ونش»...علاء ابو غربية

بصوت مجبول بالقهر وصرخات مكبوتة أقرب الى الحنق على الأوضاع يسرد عليك قطعة (مونولوج) مأخوذة من منطقة القلب من دائرة الوجع ليقدم لك حالة يرسمها بنبرته المتجلية الى أقصى حدود التجلي يرسم لك مشهد شارع صلاح الدين ماضيه وحاضره وما آلت إليه الأمور.....هذا الفنان يقف على خشبة المسرح بكل ثقة واتزان ويفهم تماما في أي اتجاه يخطو........

«الضاوي» ...حسام غوشة...

في إحدى زوايا القدس العتيقة قد تكون عقبة التكية أو الزاوية النقشبندية أو باب الواد/السعدية /باب العمود/سوق الباشورة/وسوق القطانين هنا أو هناك سيان ، يجلس باعتدال وكبرياء يوزع النصائح المجانية ويفتي بمجريات الأمور ويبيع السجائر واليانسون والقهوة والشاي وحبوب التبويس ، جمل تلازمه لتقييم كل من يلاقيه ...شخصية في هذا الدور تحلق بك الى حيث المطارح التي كانت مسرحاً للأحداث صداها ما زال يطن.

«سلام عليك يا بندورة» ....عطا ناصر

في قامته وحركته وكلماته يلقي عليك حالة انشداد ذهني تتابعه عيناك وأحيانا تتابع الصدى الصادر منه...الفنان (عطا ناصر)هذا الفلاح الذي جاء متسللا وسيماؤه على بنطاله ...تحسبه يهذي ولا يهذي .....يسخر....ولا يسخر خفيف الظل كنسمة باردة تلفح وجوهنا تلسعها ويمضي.

لا اعرف تحت أي مسمى أضع ذلك المشهد أو بأي كلمة أوصفه ، فهل هو قريب من العبثية السارترية أو يدخل في دائرة الفنتازيا الإغريقية أم قدّم بلغة سينمائية يسبق الزمن أم هو الواقع الذي نهرب منه بشعارات سفسطائية وكلمات جوفاء، على كلمات الأغنية العبرية بموسيقاها الصاخبة يتجمع هؤلاء يرقصون بجنون وفرح ...رقصة الانتصار .....رقصة لم يعد لكم هنا شييء أين انتم....دماؤكم جفت وماضيكم تبخر وحناجركم بحت وبنادقكم صدأت انصرفوا نحن هنا ، حاضرا وماضيا ومستقبلا، ليعلو صوت ابو رابوص وسط هذه الضوضاء العبرية ليقول باننا ما زلنا هنا باقين ، رغم كل شيء ورغم كل الممارسات ما نزال صامدين

مسرحية «شارع فساد الدين» نص وسينوغرافيا وإخراج وتمثيل إسماعيل الدباغ شاركه في التمثيل الفنانون رشا جهشان وعطا ناصر وحسام الدين غوشة وعلاء أبو غربية والعمل من إنتاج مسرح الرواة ومؤسسة الرؤيا الفلسطينية.


--~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعات جوجل "بيانات و أخبار دورية من النور" مجموعة.
 لتقوم بارسال رسائل لهذه المجموعة ، قم بارسال بريد الكترونى الى bayanatalnor@googlegroups.com

-~----------~----~----~----~------~----~------~--~---

No comments:

Post a Comment