Friday, April 1, 2011

التحليل النفسي لأهم عقائد وطقوس التشيع (9)

التحليل النفسي لأهم عقائد وطقوس التشيع (9)


18. التمسك الشديد بالتقاليد والبدع

التشيع في صورته الحالية دين ابتدعه الفرس، ليضاهئوا به دين الإسلام، ويضربوه به، وينخروه من الداخل. فالبدعة أساسه وبناءه، وإطاره ومضمونه، وروحه وجسده. عقائده بدع وشعائره كذلك! فالعصمة والإمامة وتقديس المراجع، والتقية وتحريف القرآن وتكفير الصحابة، وعاشوراء والنياحة واللطم والتطبير ومواكب العزاء، والمراقد والقباب والزيارات والسدانة والنذور، والحج والصيام والأذان والأدعية والصلوات – على الطريقة الشيعية - والتربة، والأعياد والنيران والخمس والحقوق، والصور والأعلام والطبول… وقائمة لا تنتهي من هذه البدع والخزعبلات. ومع ذلك ترى الشيعة يتمسكون بها أشد التمسك.

  

يكشف لنا التحليل التالي السر وراء انتشار البدع عند الشيعة، وتحول الدين عندهم إلى مجموعة من الطقوس والتقاليد المتوارثة (فلكلور شعبي) ، يتمسك بها العوام تمسكاً لا فكاك لهم عنه:

(التمسك بالتقاليد يحمي الإنسان المقهور من مشاعر الخزي الذاتي, المرتبط بالمهانة التي تتصف بها مكانته الاجتماعية. التمسك بالتقاليد يحمي الإنسان المقهور من مجابهة ذاته, تلك المجابهة التي تقلقه كثيراً, من خلال أوالية الهروب نحو الخارج, الذوبان التقليدي والشائع, والانضواء تحت قانون العرف.

وتصل الوظيفة الدفاعية للتمسك بالتقاليد أوج فعاليتها بما تتضمنه من استلاب عقائدي يتعرض له الإنسان المقهور. فالتمسك بالتقاليد واحترام الأعراف ومراعاة العادات, يعاش كمصدر للاعتبار الذاتي, نظراً لما يتضمنه من قبول اجتماعي. إن الإنسان المقهور الذي لا شرف له يتخذ من تمثل التقاليد والأعراف مصدراً للشرف والاعتبار, يتخذ من قدرته على مراعاة المعايير السائدة مصدراً للكبرياء والرضا عن الذات…

إن أكثر العناصر استلاباً وقهراً في المجتمع المتخلف هي أشدها عدوانية وعنفاً على من حاول التمرد على التقاليد، وتحدي المعايير وخرقها. فهناك في المجتمع المتخلف تعبئة نفسية ضد كل من يخرج على التقليد، إنها الفضيحة تلاحقه، وهو يستباح في سمعته ورزقه وحياته. ويأخذ العدوان عليه طابع التشفي والبطش والتشهير، يتحالف الكل للنيل منه. وفي كل ذلك تصريف واضح لما تراكم عند كل فرد من أفراد الجماعة، خصوصاً المقهورين منهم، من حقد وعدوانية نابعين من الإحباط والمهانة اللذين يتضمنهما الغبن المفروض عليهم. في هذا الحقد المتشفي الذي يصب على العنصر الخارج على العرف (خصوصاً إذا كان امرأة) إحساس بشيء من الاعتبار الذاتي من خلال توكيد الانتماء للجماعة والتمسك بمعاييرها. وفيه بالإضافة إلى ذلك نوع من الشعور بالكبرياء والتعالي، من خلال صب العار على الضحية التي لحقت بها فضيحة المساس بشرف التمسك بالمعايير والأعراف. وفيه أيضاً إسقاط لمشاعر الذنب الذاتية التي لا بد أن تصاحب الإحساس بالفشل والمهانة عند الإنسان المقهور، والتي تظل عادة مكبوتة، على العنصر المتمرد: هو المذنب وهو الذي يستحق العقاب. وعند هذه النقطة لا يعرف التشفي حدوداً، وهو متناسب عادة مع درجة القهر الذي يرزح تحتها الإنسان. والحقيقة أن هذا التشفي يتضمن في بعض أوجهه دفاعاً ضد الإغراء بالتمرد على غرار العنصر المارق، الذي تجرأ على خرق مقدسات الجماعة. فهذا التمرد الكامن موجود دائماً عند الإنسان المقهور. ولكنه يقمع في الحالات العادية خوفاً من الأخطار التي يتضمنها على شكل ردة فعل اجتماعية قمعية. وبمقدار ما يزداد الإغراء بالتمرد ويشتد الخوف من الإقدام عليه تستشري عند الإنسان المقهور ردود فعل التشفي في حالة من الهروب عن مجابهة الذات من خلال الذوبان في الجماعة، والتعصب لمعاييرها وتقاليدها)[1].

تجد الأمثلة كثيرة في المجتمع الشيعي ، على هذا التحليل العلمي لأصحاب النفسية الاضطهادية – ذكرنا بعضها آنفاً - والعداء السافر لكل من خرج عليها، ومحاربته في سمعته ومكانته، ومضايقته في رزقه ووظيفته. وأشد الناس تعصباً في ذلك هم أشدهم تخلفاً وشعوراً بالاضطهاد (إن أكثر العناصر استلاباً وقهراً في المجتمع المتخلف هي أشدها عدوانية وعنفاً على من حاول التمرد على التقاليد، وتحدي المعايير وخرقها) : فالذي قام باغتيال السيد محمد اسكندر الياسري رحمه الله تعالى نائب ضابط هارب من الخدمة العسكرية، مبتور الذراع. والسيد محمد اسكندر من خيرة العلماء العاملين، الذين خرجوا على تقاليد الطائفة البالية، وتحدى معاييرها الزائفة، وحاولوا إصلاحها من الداخل.

 

19. تجميد التاريخ

وقبل أن تقرأ التحليل التالي استحضر في مخيلتك كيف يستغرق الشيعي في أحداث معينة من الماضي، ويجمد حيالها حتى كأن عجلة التاريخ قد توقفت حركتها عند أعتابها، وتوقف الزمن فلا حاضر إلا ذلك الماضي بأحداثه تلك: (باب خيبر، الخندق وأسطورة ابن ود العامري، غدير خم، خرافة كسر ضلع الزهراء، معركة الجمل، صفين، الطف)، وما يرافق ذلك وغيره من الأحداث من الطعن في تاريخ الأمة وتشويهه ليتطابق مع الرغبة المنحرفة للنفسية الفارسية في ما تتمنى هذه النفسية أن يكون عليه تاريخنا، لا ما هو عليه في الواقع. والعكس يفعله فيما يرغب أن يكون عليه مثله الأعلى، وهو الإمام، لا ما هو عليه في الحقيقة. يجتر الشيعي من خلال تلك الحوادث - التي رسم صورتها كما تشتهي نفسيته المريضة، وجمدها على تلك الصورة - شعوره بالغبن والاضطهاد، ويسترجع لحظات من النشوة حين ترتسم في ذهنه صورة إمامه الأسطورية في الفروسية وقتال الأعداء، أو الصبر على تحمل المعاناة، أو المثالية في التعبير عن قيم الرجولة والشهامة والمروءة ، أو القدرة الفائقة على حل المشاكل وتحقيق الخلاص السحري من المآزق (المهدي المنتظر):

يقول د. مصطفى حجازي: (يتنكر الإنسان المقهور لهذا الحاضر الذي يشكل مرآة تعكس له مأساته, أو هو يجتر هذا البؤس. ولكن الغالب هو التذبذب ما بين التنكر والاجترار. وهو يدافع عن نفسه إزاء كل ذلك بالهروب في الماضي المجيد ذاتياً وقومياً. فالماضي حصن من لا حاضر له, ولا مستقبل له… ويحدث نوع مما يسمى بالتماهي الإسقاطي ( تمثل صورة البطل ليس كما هو حقيقة , بل كما نرغبه أن يكون كاملاً فائقاً ذا جبروت ) في علاقة الإنسان المقهور بأبطال القصص الشعبي.

البطل في القصص الشعبي أسطوري. فهو من الناحية الجسدية القوة المطلقة، التي تأتي بالخوارق وتجابه كل التحديات. وهو في السلاح قمة الخبرة والفروسية. يصور على درجة كبيرة من الضخامة, فرسه نادرة وسلاحه لا يتكمن سواه من حمله والقتال به. وشجاعته تصمد أمام كل امتحان, وهو يخرج دائماً منتصراً من أقسى امتحان. ويتحلى بطل القصص الشعبي بكل الفضائل النفسية والخلقي, ويتمتع بكل قيم الرجولة والشهامة والكرم. وهو إلى ذلك البطل القوي العادل الذي يتصدى لكل معتد, وكل ظالم, وكل عدو داخلي أو أجنبي, مدافعاً عن جماعته وأهله المعرضين من دونه لأشد الأخطار الحياتية. إنه البطل المنقذ, مبعوث العناية الإلهية كي يرفع التهديد عن الإنسان الضعيف, إنه رمز العدل والأمن الوجودي .

استعراض حياة هذا البطل الأسطوري, كما يرويها رواة القصص الشعبي, هي دائماً سلسلة من الأزمات وحلقات متصلة من الخطوب. لا يخرج من أزمة حتى يقع في التي تليها, ولا ينتصر على خطب حتى يقع في مأساة جديدة. حياته ملحمة دائمة من الثبات أمام أقسى اختبارات الحياة, والخروج منتصراً منها. وهي إلى ذلك حلقة متصلة من التفاني من أجل الآخرين.

بطل القصص الشعبي بكل أسطوريته, هو مجرد إسقاط لأمل الإنسان المقهور في الخلاص, لرغبته الدفينة في امتلاك القدرة على مجابهة قدره. حياته مجرد مرآة للاختبارات المتلاحقة التي يتعرض لها الإنسان المقهور ويعجز عن اجتيازها, بينما ينجح البطل في ذلك. من هنا ندرك سبب إقبال الجماهير على حلقات رواية هذه القصص, وندرك سبب الاندماج في الاستماع إلى الراوي. إنها لحظة عزاء وسلوى عن آلام الواقع الراهن , إنها لحظة عز وكبرياء وأمل وشعور بالاعتبار الذاتي من خلال التماهي ببطولات الفارس صانع الخوارق. ويزداد انتشار حلقات القصص الشعبي بمقدار الغبن المفروض على الإنسان, ومقدار خلو الحاضر من الأمجاد. قصص البطولات الشعبية من الأمجاد. قصص البطولات الشعبية من الناحية النفسية, عرض لمأساة الجماهير, من ناحية, وأملها في الخلاص, في تغيير المصير من ضعف إلى قوة , ومن مهانة إلى عز، من ناحية ثانية)[2].

والعبارات الأخيرة تفسر غرام الشيعي بسماع قراءة (المقتل)، وحرصه على القيام بطقوس العزاء والنياحة.


--

قال أبو نواس في آخر عمره:

 

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة *** فلقد علمت بأنّ عفوك أعظم

   إن كان لا يرجوك إلا محسن *** فمن الذي يدعو إليه المجرم

  أدعوك ربِّ كما أمرت تضرعا ً *** فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحم

مالي إليك وسيلة إلا الرجا *** وجميل ظني ثم أنِّي مسلم    


۩۞۩ مع تحيـــــ Ashraf Taha ـــــــاتي۩۞۩

No comments:

Post a Comment