Friday, April 22, 2011

هذه هي مصر




مقال للكاتب السعودى "الاستاذ جميل فارسي" عن مصر

 

هذه هي مصر

 

يُخطئ من يقيّم الأفراد قياساً على تصرفهم في لحظة من الزمن أو فعل واحد من الأفعال.

ويسري ذلك على الأمم, فيخطئ من يقيّم الدول على فترة من الزمان, وهذا للأسف سوء حظ مصر مع مجموعة من الشباب العرب الذين لم يعيشوا فترة ريادة مصر. تلك الفترة كانت فيها مصر مثل الرجل الكبير تنفق بسخاء وبلا امتنان وتقدم التضحيات المتوالية دون انتظار للشكر.

 

هل تعلم يا بني أن

جامعه القاهرة وحدها قد علمت حوالي المليون طالب عربي ومعظمهم بدون أي رسوم دراسية؟ بل وكانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل الطلاب المصريين؟

 

هل تعلم أن

مصر كانت تبعث مدرسيها لتدريس اللغة العربية للدول العربية المستعمرة حتى لا تضمحل لغة القرآن لديهم, وذلك كذلك على حسابها؟

 

هل تعلم أن

أول طريق مسفلت من جدة إلى مكة المكرمة كان هدية من مصر؟

 

هل تعلم أن

حركات التحرر العربي كانت مصر هي صوتها وهي مستودعها وخزنتها. وكما قادت حركات التحرير فأنها قدمت حركات التنوير.

 

هل تعلم أن

كم قدمت مصر للعالم العربي في كل مجال، في الأدب والشعر والقصة وفي الصحافة والطباعة وفي الإعلام والمسرح وفي كل فن من الفنون ناهيك عن الدراسات الحقوقية ونتاج فقهاء القانون الدستوري.

 

هل تعلم أن

مصر تألقت في الريادة القومية تألقت في الريادة الإسلامية.

فالدراسات الإسلامية ودراسات القرآن وعلم القراءات كان لها شرف الريادة. وكان للأزهر دور عظيم في حماية الإسلام في حزام الصحراء الأفريقي. وكان لها فضل تقديم الحركات التربوية الإصلاحية.. أما على مستوى الحركة القومية العربية فقد كانت مصر أداتها ووقودها وإن انكسر المشروع القومي في 1967 فمن الظلم أن تحمل مصر وحدها وزر ذلك, بل شفع لها أنها كانت تحمل الإرادة الصلبة للخروج من ذل الهزيمة.

 

إن صغر سنك يا بني قد حماك من أن تذوق طعم المرارة الذي حملته لنا هزيمة 1967، ولكن دعني أؤكد لك أنها كانت أقسى من أقسى ما يمكن أن تتصور, ولكن هل تعلم عن الإرادة الحديدية التي كانت عند مصر يومها؟ أعادت بناء جيشها فحولته من رماد إلى مارد.

وفي ستة سنوات وبضعة أشهر فقط نقلت ذلك الجيش المنكسر إلى اسود تصيح الله أكبر وتقتحم أكبر دفاعات عرفها التاريخ. مليون جندي لم يثن عزيمتهم تفوق سلاح العدو ومدده ومن خلفه. بالله عليك كم دولة في العالم مرت عليها ستة سنوات لم تزدها إلا اتكالاً؟ وستة أخرى لم تزدها إلا خبالا.

 

ثم انظر

بعد انتهاء الحرب فتحت نفقاً تحت قناة السويس التي شهدت كل تلك المعارك الطاحنة أطلقت على النفق اسم الشهيد أحمد حمدي.

اسم بسيط ولكنه كبر باستشهاد صاحبه في أوائل المعركة.

انظر كم هي كبيرة أن تطلق الاسم الصغير.

 

هل تعلم ان

ليس منذ القرن الماضي فحسب، بل منذ القرن ما قبل الماضي كان لمصر دستوراً مكتوباً.

 

هل تعلم أن

شعبها شديد التحمل والصبر أمام المكاره والشدائد الفردية، لكنه كم انتفض ضد الاستعمار والاستغلال والأذى العام.

 

مصر تمرض ولكنها لا تموت

إن اعتلت ومرضت اعتل العالم العربي

وان صحت واستيقظت صحوا

ولا أدل على ذلك من مأساة العراق والكويت, فقد تكررت مرتين في العصر الحديث, في أحداها قتلت المأساة في مهدها بتهديد حازم من مصر للزعيم عبد الكريم قاسم حاكم العراق عندما فكر في الاعتداء على الكويت, ذلك عندما كانت مصر في أوج صحتها. أما في المرة الأخرى فهل تعلم كم تكلف العالم العربي برعونة صدام حسين في استيلاءه على الكويت؟.

 

هل تعلم إن

مقادير العالم العربي رهنت لعقود بسبب رعونته وعدم قدرة العالم العربي على أن يحل المشكلة بنفسه.

 

إن لمصر قدرة غريبة على بعث روح الحياة والإرادة في نفوس من يقدم إليها.

انظر إلى البطل صلاح الدين, بمصر حقق نصره العظيم.

أنظر إلى شجرة الدر, مملوكة أرمنية تشبعت بروح الإسلام فأبت ألا أن تكون راية الإسلام مرفوعة فقادت الجيوش لصد الحملة الصليبية.

 

لله درك يا مصر الإسلام

لله درك يا مصر العروبة

 

إن ما تشاهدونه من حال العالم العربي اليوم هو ما لم نتمنه لكم. وأن كان هو قدرنا, فانه اقل من مقدارنا واقل من مقدراتنا.

 

أيها الشباب

أعيدوا تقييم مصر.

ثم أعيدوا بث الإرادة في أنفسكم

فالحياة أعظم من أن تنقضي بلا إرادة.

أعيدوا لمصر قوتها تنقذوا مستقبلكم

 

نبذات ووقفات

هنا بعض نبذات قبل أكتشاف وخروج البترول..

الحجاز.. توفيق جلال, كان رئيس تحرير جريدة الجهاد المصرية, وتوفيق نسيم كان رئيس وزراء مصر

حدثت مجاعة وأمراض أزهقت آلاف من الأرواح بأراضى الحجاز... كتب توفيق جلال فى صدر صحيفته الى توفيق نسيم رئيس وزراء مصر, كتب يقول, من توفيق الى توفيق, في أرض رسول الله آلاف يموتون من الجوع وفي مصر نسيم!! أصدر توفيق نسيم أوامره فورا, وعبرت المراكب تحمل آلاف الأطنان من الدقيق والمواد الغذائية, وآلاف من الجنيهات المصرية والتي كانت عملتها أعلى وأقوى من العملة البريطانية, غير الصرة السنوية التى كانت تبعث بها مصر, وكانوا يشكرون مصر كثيرا على ذلك..

 

الكويت.. كانت مصر تبعث بالعمال والمدرسين والأطباء والموظفين لمساعدة الأخوة بالكويت, بأجور مدفوعة من مصر!!!

 

ليبيا.. كانت جزء من وزارة الشؤن الأجتماعية المصرية..

 

كل هذا لم يكن منة من مصر, لكن كان دعما وواجبا وطنيا لأشقائها العرب

 

مذكرات الثوري العظيم, أحمد بن بلة وقيادات الثورة الجزائرية تشهد, وهم يقولون, مهما قدمنا وقدمت الجزائر لمصر, فلن نوفي حق مصر علينا وما قدمته لنا... كذلك ما قدمته مصر لثورة الفاتح من سبتمبر الليبية...

 

التضحيات الكبيرة والعظيمة والتي لا ينكرها أبدا الشعب اليمنى لما قدمته مصر لليمن وحتى أشرف أقتصاد مصر على الأنهيار

 

مصر التى سطعت منها شمس الحرية على ربوع الكرة الارضية

 

مصر التى وقفت بكل امكانيتها المتواضعه وشعبها العظيم فى وجه القوى الغاشمه فرنسا وبريطانيا العظمى.

 

مصر التى ساندت قضايا المظلومين بالعالم شرقا وغربا، فأحتضنت حركات النضال والتحرير من مشارق الارض الى مغاربها، دون تمييز الى اللون او الدين او العرق، فكانت قبلة الثوار والمناضلين، من ربوع الكرة الارضية، فاحتضنت "بتريسيا لو مومبا" وحركته، وحزب المؤتمر الافريقي ضد التمييز العنصري بقيادة مانديلا، وروبرت موجابي، وابطال وزعماء افريقيا ومناضليها، وقدمت الدعم والمساندة للثورة الجزائرية، والليبية، واليمن، والعراق، وفلسطين، واستقبلت على ارضها عظماء ثوار العالم، فاستقبلت الثائر العالمي جيفارا، وفيدل كاسترو، ونهرو، واحمد ساكارنو، وذو الفقار علي بوتو، ومحمد اقبال، وتيتو..

 

مصر التي تعطي بسخاء... لا يمكن ان تغدر

مصر التي تجمع تحتضن... لا يمكن ان تفرق وتقتل

مصر التي تأوي... لا يمكن أن تخون

 

هذه هي مصر الصابرة الآمنة المؤمنة المحتسبة

يأيها السفهاء يا من تتطاولون على مصر وشعبها

 

هذه هي مصر العظيمه.... فمن أنتم؟؟؟؟

 

هذا ما قدمته مصر للعرب والعالم... فماذا قدمتم؟؟؟؟؟

 

مصــــــر هي

بلاد الشمس وضحاها،

غيطان النور،

قيامة الروح العظيمة،

انتفاض العشق،

اكتمال الوحي والثورة

"مراسي الحلم"

العِلم والدين الصحيح،

العامل البسيط

الفلاح الفصيح،

جنة الناس البسيطة

القاهرة القائدة الواعدة الموعودة

الساجدة الشاكرة الحامدة المحمودة

العارفة الكاشفة العابدة المعبودة

العالمة الدارسة الشاهدة المشهودة

سيمفونية الجرس والأدان

كنانة الرحمن

أرض الدفا والحنان

معشوقة الأنبياء والشُعراء والرسامين

صديقة الثوار

قلب العروبة النابض الناهض الجبار

عجينة الأرض التي لا تخلط العذب بالمالح

ولا الوليف الوفي بالقاسي والجارح

ولا الحليف الأليف بالغادر الفاضح

ولا فَرح بكره الجميل بليل وحزن امبارح

ولا صعيب المستحيل بالممكن الواضح

 

كوني مصر

دليل الإنسانية ومهدها

 




--

قال أبو نواس في آخر عمره:

 

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة *** فلقد علمت بأنّ عفوك أعظم

   إن كان لا يرجوك إلا محسن *** فمن الذي يدعو إليه المجرم

  أدعوك ربِّ كما أمرت تضرعا ً *** فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحم

مالي إليك وسيلة إلا الرجا *** وجميل ظني ثم أنِّي مسلم    


۩۞۩ مع تحيـــــ Ashraf Taha ـــــــاتي۩۞۩

No comments:

Post a Comment